الأربعاء، 28 مايو 2008

والناس تسأل فى الشوارع: هل سيقام «مصنع الموت» رغم أنوفنا..؟ ماجدى البسيونى

ماجدى البسيونى
هل سيقام المشروع.. هل سيتم تنفيذ "أجريوم".. هذا هو السؤال الذى يسأله الكل للكل داخل حدود دمياط.. فلو عرجت على محل وهيبة للفلافل بإحدى حارات الشهابية، لو ركنت قليلا لشراء صحيفة من مسعد الحناوى ـ بالمناسبة دمياط حاليا أعلى سوق لبيع الجرائد بمصر ـ لو ذهبت لزيارة مريض بمستشفى التخصصى لو قفزت داخل ميكروباص قبل زيادة الأجرة وبعدها لو جلست تترقب الناس على مقهى الغالى برأس البر أو عازق بمدينة الشعراء أو عزبة البرج أو كفر البطيخ لو اصطحبت طفلك لعيادة خاصة، الكل فى حالة من الرعب يسأل: هل سيقام "أجريوم"..؟ سئل رفيقى منسق اللجنة الشعبية "جمال البلتاجي" ونحن نترقب الوفد المسافر من دمياط للقاهرة والمكون من خمسين عضوا شعبيا بقيادة رئيس المجلس الشعبى محمد البرقى لحضور مؤتمر عقده "الإجراميون" الأربعاء الماضى وأثناء وداع الأهالى وفى تمام السادسة صباحا، سئل "البلتاجي" من أحد المارة وهو يفرك عينيه: المصنع الزفت ده سيقام يا أستاذ؟، أجاب جمال: لن يقام يا حاج، فإذا بالحاج يقسم بطاعة الله: عمرى وعمر عيالى كوم ووجود المصنع ده كوم تانى.. فعن أى تجربة دمياطية تنتظرون..؟! التفت "البلتاجي" وسألني: هل سيقام المصنع..؟ فقلت له: نعم سيقام المصنع.. قاطعني: يا راجل فال الله ولا فالك.. المتتبع لكافة التصريحات والإشارات والهمسات التى تخرج من داخل مقرات شركة أجريوم، آخرها ما جاء على لسان المدير التنفيذى لأجريوم "جريج ماجلون" فى المؤتمر الصحفى المنعقد الأربعاء الماضى بأحد الفنادق بوسط القاهرة تحت حراسة أمنية مشددة لمنع الوفد الدمياطى من الدخول وتعكير صفو "الإجراميين" قال ردا على سؤال عن نقل المشروع إلى موقع آخر: الاستثمار لا يسير على عجلات تتحرك ليتم نقله من موقع إلى آخر بسهولة.. فموقع جديد يعنى استثمارا جديدا ونحن حصلنا على جميع الموافقات من الجهات الرسمية المصرية. هو نفسه سبق وقال: الانتقال من دمياط ليس فى حساباتنا.. وهو نفسه الذى أعلن عن تعويض تعجيزى بدأ بـ450 مليون دولار ووصل أخيرا إلى 650 مليون دولار.. فهل معنى ذلك توجد نية للرحيل من دمياط.. للدرجة التى يتندر بها الدمايطة الآن وهم يقلدون لهجة المحتل الأجنبى فتسمعهم يقولون: "ولد دمياطى خرسيس إنت وهوه.. إنتى ترفضوا مسروخ خواجة.. دا مسروخ برفكت ياخلاوة كويس كتير كتير.. تقولون no تقولون yes موس مهم، المهم اخنا نقول yes وانتوا اخرس.. موس مأقول التبس للبلاليس بتاإت الإنتو خمس وإسرين مليون دولار وتفلأسونا اسفوخس". ما تسرب من داخل مقر الشركة برأس البر حين وصل إلى هناك "حسين سالم" ينبئ على عدم النية للرحيل مهما كان الثمن. على الجانب الرسمى ما إن خرجت صحف الأربعاء الموافق 30 ابريل المنصرم لتعلن ما صرح به محافظ دمياط فتحى البرادعى من أن قرارا قد صدر بنقل المصنع من دمياط للعين السخنة بالسويس ـ كما سجلته بنفسى ـ ليخرج علينا فى اليوم التالى المتحدث باسم احمد نظيف رئيس الوزراء مجدى راضى، والذى يأخذ ملف إنشاء المصنع بشكل شخصي!، مصمما على إقامته فوق الامتداد الطبيعى لجزيرة رأس البر النادرة، بأن من أصدر تصريحات بشأن صدور قرار جمهورى بنقل المصنع، فهو يتحمل النتيجة، فى إشارة للمحافظ، ونفى أن يكون هناك قرار بنقل المصنع، الأمر الذى أدى إلى إضافة الغاز على النار المشتعلة، ولم لا وهو الذى استمع عن قرب لرئيس الوزراء يقول بصوت جهورى للرئيس مبارك: لا توجد مخاطر يا ريس، مضيفا يوجد على بعد خمسمائة متر مصنع آخر وأيده وزير البيئة ماجد جورج.. مجدى راضى طبيب الأطفال لم ينف إذا كان محامى "أجريوم" الذى اختفى فجأة هو نفسه محام يعمل مستشارا لرئيس الوزراء.. مجدى راضى نفسه الذى أعلن أن اجتماع نظيف والمدير العام لأجريوم العالمية أمر ضرورى وهو يعلم يقينا الرأى الرافض لمليون دمياطى استجاب على الفور لرغبة الجانب الكندى القادر ـ حسب ظنه ـ فى إقناع المجتمع الدمياطى فى محاولة لإضاعة الوقت ورفع (فيزيتة السبوبة) فهل معنى ذلك هناك نية للرحيل عن دمياط.؟! على أرض دمياط منذ أكثر من أسبوع فريق مكلف من رئاسة الوزراء ووزارة البترول مكون من 11 باحثا ـ حسبما صرح لى أحدهم ويدعى محمد الذكى ـ تأكدت انه يتقاضى مكافأته من "أجريوم" هدفهم إقناع شباب دمياط بالعمل فى أجريوم براتب يبدأ من 4 آلاف جنيه وسيارة ورحلة سنوية للخارج، وأضاف لى الذكي: بأن الشركة تهدف إلى تحويل الموضوع إلى حالة من اللاحرب واللاسلم مع الشعب الدمياطى مستغلة الزمن فى التعامل مع شعب دمياط.. الذكى أكد أن ما سيقوم بجمعه والفريق المرسل إلى دمياط من قبل رئاسة الوزراء ووزارة البترول بأموال "الإجراميين" من أسباب الرفض ستقوم الشركة بالرد عليه وسيطبع فى كتاب يتم توزيعه على المجتمع المدنى الدمياطى، مؤكدا استعانة "أجريوم" بشركة علاقات عامة عالمية، لكنه لم يؤكد إن كانت ستجلب معها (حاجة أصفرا) لتوزيعها على الشعب الدمياطى لزوم عملية الإقناع.. نفس المكتب الذى يعمل الذكى من خلاله ـ ابن سينا بعمارة بجانب بنك التنمية والائتمان الزراعى بشارع البحر استطاع لمّ ما يقرب من 30 شابا للسفر للتدريب قبل موعد مؤتمر الفندق أصر والده (إبراهيم السلاموني) على طرده من منزله معللا السبب: "فى الأمر شيء خفى غير مريح". فهل هناك نية للرحيل عن دمياط..؟ ما يحدث من وزير البترول نهارا جهارا يؤكد النية المبيتة لشعب دمياط (فعندما ساقت جريدة المصرى اليوم ما جاء على لسان السفير الكندى من أنه يمنح الجانب المصرى ثلاثة أسابيع بعدها سيلجأ ـ حسب العقد ـ لمقاضاة مصر، مؤكدا حسبما نشر دفع رشاوى وعمولات قدرها بـ25 مليون دولار، خرج بعد صمت عدة أيام المستشار الإعلامى لوزير البترول حمدى عبد العظيم لينفى هذا الخبر كان قبلها بيوم صرح الزميل مصطفى بكرى عضو مجلس الشعب بأنه يتقدم باستجواب لمعرفة من تقاضى هذه الرشاوى وتلك العمولات وتبعه رئيس مجلس الشعب معلقا: إنه إذا ثبت أن السفير الكندى تحدث عن "عمولات" فى استصدار التراخيص، فإن هذا يبطل العقد ـ لاحظ انه تعالى عن ذكر "رشاوي".. على اثر ذلك كان الأمر يحتم على السفير الكندى الخروج سريعا للتصريح بأنه لم يرسل تهديدا لوزير البترول ولم يقل حكاية العمولات ولا الرشوة وأن الخطأ فى الترجمة تبعه المدير التنفيذى لأجريوم لينفى هو الآخر تلك السقطة يا حلاوة.. لكن أحدا لم يجرؤ على تكذيب ما صرحت به السيدة منى زكى المستشارة بأجريوم على الهواء مباشرة عندما قالت: إن أعضاء بمجلس الشعب عن دمياط يقفون بجانبنا ولم تقل لوجه الله والوطن، كانت الكاميرا مسلطة على وجه الضيف بالبرنامج وهو متلعثم يسأل: أنا منهم؟ ولهذا واجهت جماهير دمياط الغاضبة محافظ دمياط يوم وقفة الثلاثاء الشهيرة بـ: يا برادعى قول الحق دول خانونا ولا لأ. لكن الحمد لله الأعضاء الثلاثة تابوا وأنابوا على حد قول مسئول رفيع المستوى بالحزب الوطنى للدرجة التى وقف أحدهم أخيرا معكرا صفو جلسة تاريخية لأعلى مجلس شعبى بالمحافظة يتحدث بطريقة يكاد المريب يقول خذونى، أما الثانى الذى عيره ما يزيد على 15 ألف دمياطى فى صوت رجل واحد هاهو يعلن: لن يقام المصنع على أرض دمياط حتى آخر نقطة دماء.. المؤكد أن الدماء شيء والزيت "الطيار" شيء آخر! الثالث بالتأكيد بعد التصالح مع أمين الحزب الوطنى يستعد هو الآخر بعد فض أو إخفاء التعاقدات للبحث عن جملة مؤثرة.. وبعيدا عنهم يبحث الشارع الدمياطى عن محمد خليل قويطة للدرجة التى يفكرون فى نشر إعلان بالصحف السيارة للبحث عنه. عدم ذهاب لجنة الصحة بمجلس الشعب إلى دمياط حسب الموعد المحدد بدعوى أن المباحثات على قدم وساق بين كافة "الإجراميين" اتضح اليوم أنها لاستهلاك الوقت، فما فائدة لجنة الصحة فى هذا الأمر فى الأساس؟ الضغوط التى مورست على دمياط كثيرة منها ضغوط مارسها محمد فتحى البرادعى المحافظ ولا يزال يمارسها بطريقته فى إدارة الأزمة التى ظن منذ سنتين أنه لها فاكتشف غير ذلك، فبدا مشدودا بقوة من ذراعه من الجماهير الهادرة الثائرة التى تطالبه بقرار ولو منه شخصيا وعليها مسؤولية حماية هذا القرار والدفاع بكل ما تمتلك عنه فلا يفعل، ومشدود من الذراع الأخرى كونه عضوا داخل منظومة الجهاز الحكومى الذى يرأسه أحمد نظيف فمنذ ما يزيد على عام وهو على هذا الحال للدرجة التى دفعت شعب دمياط لأن يقول لقد خدرنا البرادعى حين أعلن يوم انتفاضة الثلاثاء الأسود عن صدور قرار نفاه فى اليوم التالى المتحدث الرسمى لأحمد نظيف، ومتهم أيضا لدى نظيف وزمرته باعتباره من وجهة نظرهم القاصرة المحرض لما يحدث بدمياط، ظنا منهم بأن العقل الدمياطى مازال فى اللفة.. الدكتور فتحى البرادعى متهم عن جدارة منذ أعلن لوفد "أجريوم" قبل عامين لن يقام هذا المصنع مادمت محافظا لدمياط ولهذا استقبل منذ ما يربو على العام خطابا شديد اللهجة من وزير التجارة الخارجية الكندى ديفيد ايمرسون لنظيف الذى بدوره أرسله للبرادعى دون أن يعى أن ذلك عيب فى حق نظيف لا عيب فى حق البرادعى.. ولهذا حاول نظيف إقصاء البرادعى فى حركة التغييرات الأخيرة ظنا منه تهيئة الجو لأصدقائه الكنديين لولا فطنة الأجهزة التى رأت فى استبعاده حدوث ما لا يحمد عقباه فى دمياط.. اقترب فقدان البرادعى للرمانة الدمياطية فلأول مرة فى تاريخ المجالس الشعبية المحلية على مستوى مصر أن يصر أعضاء المجلس المحلى لمحافظة دمياط على الاستقالة الجماعية ردا على التسويف والتلكؤ الذى يمارس من قبل الحكومة على دمياط المعطلة حاليا عن حالة الإنتاج والعمل الطبيعية فإذا البرادعى يسارع لحضور الجلسة طالبا إرجاء الاستقالة لتأكده على حد قوله من أن الرئيس مبارك بيحب دمياط ومعجب أيما إعجاب بها للدرجة التى يتمنى أن تصبح مصر كدمياط ـ ولا يدرى الدمايطة كيف ـ مبررا عدم قدرته فيما لو توسط أى ولو كان رئيسا لأحد مجلسى التشريع بأن العودة للتدريس بالجامعة أشرف له مما سيلاقيه من شعب وعده بعدم إنشاء هذا المصنع. هل سيقام المصنع..؟ الكل فى دمياط يسأل الكل، كافة الإشارات والتلكؤات الرسمية وحالة اللاسلم واللاحرب تؤكد أنه سيقام.. المعدات تنقل للموقع من داخل الميناء لتذهب محملة بأوناش قادمة للتو على ظهر سفن عملاقة لتلتف من حول القناة الملاحية وتستقر بالشركة فى النهار والليل.. فهل معنى هذا شيء آخر سوى الاستمرار.؟ ولا يعنى العهد الذى قطعه محمد فتحى البرادعى على نفسه أكثر من مرة حين قال: "على مسؤوليتى.. المشروع لن يقام على أرض دمياط"، مؤكدا أن قراراً سيصدر قريباً بهذا الأمر، لذلك "لا داعى للوقفات الاحتجاجية وتصعيد الموقف والغضب الجماهيرى لحين الانتهاء من الاتفاقيات مع الجانب الكندي". من إذن يلتف على قرار مبارك.. وأين هذا القرار اللهم إن كان فى مخيلة البعض.. ما صرح به الرئيس مبارك بالنسبة لدمياط كان جهارا نهارا واضحا وضوح الشمس، عندما طلب من سمير زاهر حل مشكلة عصام الحضرى وريحوه.. عاوز إيه يا عصام؟ عاوز أسافر يا ريس.. الدكتور مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية أكد أن المشروع لن يتم تنفيذه إلا إذا حدث توافق مجتمعى حوله، التزاماً بتوجيهات الرئيس مبارك.. أليس هذا الأمر مريبا أيضا، ما معنى "توافق مجتمعي" هذه.. سوى القيام بعملية إجبار المجتمع.. الطامة الكبرى لو خرج علينا من يقترح ضرورة إجراء استفتاء شعبى تحت إشراف كامل للداخلية حسب الدستور ـ يا أسيادنا ـ وقتها ستكون مهمة رئيس الهيئة البرلمانية لنواب دمياط شعب وشورى ورئيس اتحاد كرة القدم جلب حكام أجانب، بالطبع من كندا!. هل يتذكر سمير زاهر ما حدث على أرض دمياط عام 1996 وقتها كان عضوا بمجلس الشعب عندما فجرت جريدة العربى دفن نفايات بترولية بمنطقة شطا ـ الحدود ما بين دمياط وبورسعيد ـ ليصل الأمر إلى مجلس الشعب الذى أوقف الجريمة بعد أن أحالها لكلية العلوم بدمياط للتحقيق.. وقتها كان المجلس بمن فيه غير اليوم وكانت المافيا الدولية وأذنابها بالداخل غير اليوم وكان نصيبى جراء تفجير القضية محاولة اعتداء فشلت بأمر الله وشهادة تقدير من كلية العلوم وهو ما رواه عميد كلية العلوم السابق الأستاذ الدكتور عبد الغنى العجمى فى مؤتمر صحفى بدمياط حول ما ستسببه جريمة "أجريوم" لدمياط أرضا وبحرا وجوا وبشرا وحيوانا. المجتمع المدنى فى كل الأعراف الدولية يعنى كافة المنظمات الأهلية والشعبية غير الحكومية ـ أليس كذلك يا ريس.. الأحزاب السياسية يتقدمهم حزبكم بالطبع ـ قدرنا كده ـ والمجالس الشعبية بكافة مستوياتها ـ يتصدرها أعضاء حزبكم بالطبع والنقابات المهنية يتألق فيها من ينتمون لحزبكم بالتأكيد ومجالس إدارة الجمعيات الأهلية والنوادى الرياضية التى لم يكن لها أن تكون لولا موافقة أجهزة أمنكم فى الأساس كلها أو جلها كتبت ووقعت وختمت وثيقة لا لبس فيها ولا مواربة ولا حتى التفاف نصها بكل وضوح "يرفض المجتمع المدنى بدمياط إقامة مصنع "أجريوم" على أرض محافظة دمياط" فأى توافق مجتمعى تنتظرون؟ انتظار دقيقة واحدة بعد هذا لا يعنى سوى عزمكم الأكيد على الاستمرار فى إقامة مصنع لإبادة دلتا مصر وثروة مصر ومياه مصر أليس كذلك؟ المسألة محتاجة تعقل حسب ادعاء المقربين لسيادة الرئيس الذى يحرص على سمعة مصر أمام المحافل الدولية ورأس المال العالمى.. أما لو كان الثمن ثروة مصر وناس مصر ومياه مصر التى تعادل حرمة الدماء.. فالله أعلم وذوو القربى منه ماذا سيفعل..: "يشرفنى أن أنقل لسيادتكم تهنئتى بمناسبة عيد الاستقلال، وأود أن أعبر عن أملى فى دفع عملية السلام قدماً، وأن أعرب عن تطلعى لنجاح المفاوضات السياسية الجارية حاليا".. فلربما انشغال سيادته بإعداد البرقية الخاصة بالعيد الستين لإقامة الجارة التى يسميها المغرضون من أمثالى "الكيان الصهيونى المغتصب" منعته من الإسراع فى اتخاذ قرار. المسألة تحتاج إلى عقل وحكمة تعادل حكمة المفاوضات مع "الأصدقاء الصهاينة" فى كامب ديفيد حتى لا نصطدم بما يطلبه "الإجراميون" نسبة لأجريوم من تعويضات قدروها من باب التعجيز ولمنح التبرير بالاستمرار فى نفس الموقع بـ400 مليون مرة وبـ650 مليون دولار مرة أخرى. بإمكاننا أن نتفادى دفع التعويض من الأساس، إذ إن العقود الخاصة بهذا المصنع باطلة بطلانا مطلقا هذا ما أكده عصام سلطان المحامى شارحا، فهل تصدق أن هيئتين مصريتين حكوميتين، تخضعان لإشراف الدولة والدستور والقانون، وتعملان على أرض دولة ناطقة بالعربية، تتفقان فى العقد على أنه فى حالة الخلاف بينهما فإنه يحل باللغة الإنجليزية..! على أرض فرنسية..! وفقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية! هذا هو نص البند رقم 12/2 من الملحق رقم 3 للعقد المؤرخ فى 27/12/2004م بين هيئة ميناء دمياط، يمثلها اللواء إبراهيم يوسف إبراهيم، رئيس مجلس الإدارة، كطرف أول، وبين الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات (إحدى شركات وزارة البترول)، تمثلها المهندسة سناء عبدالمنعم البنا كطرف ثان.. من هذا العقد بدأت الخطة الكارثة، وهى أن تحصل شركة حكومية كالشركة القابضة، التى تمثلها المهندسة سناء، من الحكومة، على الأرض والموقع والامتيازات والإعفاءات والموافقات وكل شيء (وطبعاً تحت ستار أن الحكومة حرة مع بعضها)، ثم فى خطوة تالية تقوم تلك الشركة القابضة ـ ودون سابق إنذار ـ بالتنازل عن تلك المكاسب والامتيازات لصالح شركة أجريوم، تحت ستار أنها ستظل مشاركة بنسبة ما، ولتكن 42% مثلاً، حتى تضمن استمرار منح الحماية والامتيازات لـ"أجريوم"، وعدم الاقتراب منها، باعتبار أن أموال الشركة كلها فى حكم المال العام، بما يستوجب حمايته دائماً، وعدم الاقتراب منه (وفى الوقت نفسه الأغلبية والإدارة للأجنبى (06%). وهذا يفسر أن العقد ـ سالف الإشارة ـ لم يذكر كلمة أجريوم على الإطلاق، وإنما أشار إلى (مجهول) دائما خلال بنود العقد، إذ ورد بالملحق رقم 1 (ب) "إقرار الآلية التى تصبح بمقتضاها أى شركة تساهم فيها الشركة القابضة، مستفيدة من هذا الترخيص".. مازال الرأى لعصام سلطان شارحا، زعم بالبند الحادى عشر منه أنه يخضع لمراجعة مجلس الدولة المصرى، وأنه لا يسرى إلا بعد موافقة مجلس الوزراء..! وللأسف فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 6032 لسنة 6002م بالتجهيل المتعمد نفسه، دون أن يذكر كلمة أجريوم بالاسم، والقرار بهذا المعنى هو قرار باطل بطلاناً مطلقاً، والعقد أيضاً بهذه الصيغة هو عقد باطل بطلاناً مطلقاً، لأن كليهما احتوى على جهالة، بل امتلأ بالجهالة، وهذه الجهالة هى ما عناها السفير الكندى فى خطابه الأخير، الذى تمت الإشارة إليه يوم الأحد 72/4/8002م بـ"المصرى اليوم" من أن شركة أجريوم قد دفعت عمولة قدرها 52 مليون دولار..! ولم يذكر السفير من الذى قبضها؟ وكيف قبضها؟ ولماذا قبضها؟ وما المقابل لها؟ وأين أودع هذا المبلغ؟ هل فى بنوك مصر بما يسهل الكشف عنها أم فى بنوك الخارج؟! والواضح أن مبلغ الـ52 مليون دولار قد دفع مقابل عملية التجهيل، فدفع للمسؤولين عن تسهيل إبرام العقد بهذه الصورة المعيبة، واستصدار قرار مجلس الوزراء بهذه الصيغة المريبة، وهنا فإنه يجب على السفير الكندى أن يفصح عن تلك المعلومات، وألا يساهم فى إخفاء جريمة، خلافاً للعرف الدبلوماسى، وحفاظاً على العلاقات المصرية ـ الكندية. والحل الآن لحماية ميزانية الخزانة العامة وأموال الدولة المصرية فى بنوك العالم، من التعويضات التى قد تصدر عن أى تحكيم دولى، هو صدور حكم جنائى من محكمة مصرية، يقطع الطريق على التحكيم الدولى، باعتبار أن الحكم الجنائى الصادر من القضاء الوطنى هو مظهر من مظاهر السيادة، محظورٌ الاقتراب منه، ولو بحكم تحكيم دولى، ويمكن أن نصل إلى هذا الحكم الجنائى بالتحرك الفورى لتحقيق جرائم الرشوة، وإهدار المال العام، وتسهيل الاستيلاء على ممتلكات الدولة والكسب غير المشروع. التعويضات التى يمكن أن يطالب بها الشريك الأجنبى والتى يمكن أن يحصل عليها بطريقة قانونية ليست مسئولية الدمايطة بل هى مسئولية الجهات الحكومية التى تورطت فى هذه القصة المحزنة وهذه الجهات الحكومية سبق لها أن وضعتنا فى هذا الموقف دفعنا ثمنها ملايين الدولارات من أموال دافعى الضرائب المصريين المطحونين بحثا عن رغيف خبز. آن الأوان لكى تكف هذه الجهات المشبوهة عن توريطنا فى هذه المغامرات التى تدفعها من لحمنا الحى فهل يفعلها مبارك فتسجل له ويقدم اقتراحا بتشريع يجعل من يضع مصر أيا كانت مسئوليته رئيسا أو وزيرا أو أيا من كان فى مثل هذا المأزق تحمل الخسائر المالية الناجمة عن سوء قراراته، وبهذا يكون كل من اشترك فى الموافقة الحكومية على إنشاء هذا المصنع فى هذا الموقع مسئولا عن دفع أى تعويضات حتى ولو كانت "قرش مخروم". فى جلسة أخيرة بمجلس الشورى قال النائب صلاح الديب عندما اشتبك كلامياً مع النائب نبيل لوقا بباوى الذى اتهم جهات لم يحددها، بأنها تحاول إحراج الحكومة، قال الديب: "لو الرئيس طلع دلوقتى وقال (أنا ضد المشروع)، فإن كل من وافقوا عليه سيهللون للرئيس"لكن الرئيس لم يخرج بعد وربما ـ حسب المؤشرات ـ لن يخرج من أصله". الأغرب فى الأمر أن المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية لم يخرج علينا حتى اللحظة ولم نسمع عن تكذيب أرسل أو فى طريقه للذهاب لجريدة "المصريون" الالكترونية التى نشرت بتاريخ 10/5/2008 هذا الخبر حرفيا "أقاويل وإشارات تصول وتجول فى كواليس دوائر صنع القرار المصرى حاليا تؤكد تورط شخصية مقربة من الرئاسة بخلاف حسين سالم رجل الأعمال الذى يصدر الغاز المصرى لإسرائيل فى دعم مواصلة إنشاء مصنع أجريوم فى دمياط رغم حالة الغضب الشعبى التى تسود بين الأهالي" انتهى الخبر. هل سيستمر العمل فى مشروع أجريوم بعد كل هذا.. المؤكد نعم سيستمر مادام صمت الرئيس مبارك غير مبرر، وليس تمنى البرادعى ووعده سوى حبوب مسكنة حتى ولو كان لا يقصدها وقتها لن ينفع الندم، فصفعة من ضابط طبق التعليمات فى المحلة أشعلتها ولم تفض إضرابا بسبب الحوج لبضعة جنيهات يعلمون أنها لن تسد حوجهم فما بالكم من شعب شهادة وفاته وفنائه أمامه بتوقيع رأس النظام عليها مع سبق الإصرار والترصد وإما اقتلاع مليون مصنع أعتى من أجريوم وكل الإجراميين، ولتنسوا خدعة التجربة الدمياطية التى تلوكونها ظنا أنها ستستمر فشعب دمياط كما يعرف ويمارس طبائع سريان مياه النيل الهادئة يعى تماما متى يعلو على أمواج البحار العاتية.

ليست هناك تعليقات: